التحيّزات المعرفية
منوعات

التحيّزات المعرفية | عندما يخدعنا عقلنا ونتخذ قرارات خاطئة! تعرّف مفصلاً عليها مع الأمثلة ج2

تتمة التحيّزات المعرفية 

بدايةً نذكّر ما هي التحيّزات المعرفية؟

تكلمنا في مقال سابق عن الانحيازات المعرفية أو التحيّزات المعرفية وهي خطأ منهجي في التفكير يحدث عندما يقوم الناس بمعالجة وتفسير المعلومات في العالم من حولهم ويؤثر على القرارات والأحكام التي يتخذونها.

دماغ الإنسان قوي ولكنه يخضع لقيود. غالباً ما تكون التحيّزات المعرفية نتيجة لمحاولة عقلك لتبسيط معالجة المعلومات. غالباً ما تعمل التحيزات كقواعد أساسية تساعدك على فهم العالم والوصول إلى القرارات بسرعة نسبية.

لهذا السبب، يمكن أن تتسلل التحيّزات الدقيقة وتؤثر على طريقة رؤيتك وتفكيرك في العالم.

تم تقديم مفهوم التحيز المعرفي لأول مرة من قبل الباحثين Amos Tversky و Daniel Kahneman في عام 1972. ومنذ ذلك الحين ، وصف الباحثون عدداً من أنواع التحيزات المختلفة التي تؤثر على اتخاذ القرار في مجموعة واسعة من المجالات بما في ذلك السلوك الاجتماعي والإدراك والاقتصاد السلوكي والتعليم والإدارة والرعاية الصحية والأعمال التجارية والمالية.

نقدم إليكم في هذه المقالة 10 أنواع أخرى من التحيّزات المعرفية وهي تتمة للأنواع السابقة:

11-الاستدلال على التوافر/ عقلية بحسب الظروف / Availability Heuristic:

الأشخاص يعتمدون على المعرفة الفورية المتوفرة، التي تتبادر إلى ذهنهم لحظة تقييم موضوع ما، أو لحظة اتخاذ القرار. بالتالي، من يعتمد عقلية “بحسب الظروف”، يميلون إلى تقييم أحكامهم بشكل كبير تجاه المعلومات الأكثر حداثة. ما يجعل للأخبار في وسائل الإعلام تأثيراً كبيراً عليهم، حتى ولو لم تكن صحيحة.
مثال: بعد مشاهدة أخبار عن عمليات خطف الأطفال، يصبح اقتناع الناس بأن احتمال حدوث هذا الحدث كبير، ويبدأ الناس في أخذ الحيطة أكثر من العادة.
يمكن لوسائل الإعلام أن تساعد في تأجيج هذه الأفكار بشكل كبير، حيث أن التغطية الواسعة النطاق للأحداث غير العادية، مثل جرائم القتل أو حوادث الطيران تزيد من تأثُر الناس بالحدث وأخذ الحيطة.
مثال: عادةً يلتزم السياسيون بفكرتين رئيسيتين، لتسويق أفكارهم وإثبات وجهة نظرهم. تروق هذه الأفكار للجماهير وتلقى استحسانهم، مثل الهجرة أو الرعاية الصحية أو التعليم.
يَعد السياسيون الجماهير بأنهم قادرون على حل المشاكل. يتم انتخابهم ويفشلون في حلها. بعدها يأتي المرشح التالي ويقدم وعوداً بقدرته على حل ذات المشاكل.
ما يحدث هو أن الناخبين، يميلون إلى نسيان الوعود التي لم يتم الوفاء بها من قبل المرشحين. ويسمعون إلى وعود المرشح الجديد كأنها جديدة.
مجال التأثير في هذا التحيّز (الإيمان – التعليم – الذاكرة – السياسة – المال)

التحيّزات المعرفية


12-الإسناد الدفاعي / Defensive Attribution:

هو تحيّز لأيجاد أسباب حدث ما، بحيث يتم تقليل التهديد الذي نتصوره على أنفسنا.
مثال: تسمع في الأخبار أن أحد راكبي الأمواج في استراليا، قد أكله القرش، فتقول في نفسك فوراً؛ هل كان من الضروري لراكب الأمواج هذا، أن يسبح في المحيط المليئ بسمك القرش!! – تُلقي باللوم على الضحية – لأنك تخشى التعرض لحادث مؤسف مثل راكب الأمواج، بدلاً من النظر بواقعية للموقف.
مجال التأثير في هذا التحيّز (المجتمع – الذاكرة – السياسة)


13-فرضية العالم العادل / Just-World Hypothesis:

نحن نميل إلى الاعتقاد بأن العالم عادل. لذلك، نفترض أن أعمال الظلم مُستَحَقة وهذه من التحيّزات المعرفية الخطيرة.
مثال: في سِفر أيوب في الكتاب المقدس. يعاني أيوب من سلسلة من المصائب الرهيبة، ويقول صديقه السابق؛ أن أيوب فعل شيئاً فظيعاً حتى يستحق هذه المصائب.
بحسب الأبحاث المنشورة في عام 2012 هناك صلة قوية بين فرضية العالم العادل والتدين.
مثال: غالباً ما يُلام ضحايا الاعتداء الجنسي – التحرش أو الاغتصاب – حيث يشير الكثير من الناس إلى أن سلوك الضحية، هو سبب في الاعتداء.
التفسير هو أن الناس لا يحبون التفكير في أنهم ضحايا لجريمة عنيفة، لذلك عندما يسمعون عن أحداث كالتحرش أو الاغتصاب، يحاولون إلقاء اللوم على سلوك الضحية. حيث يسمح لهم هذا الاعتقاد بأنه يمكنهم تجنب الوقوع كضحايا لهذا النوع من الجرائم، فقط من خلال تجنّب سلوكيات الضحايا السابقة.
مجال التأثير في هذا التحيّز (المجتمع – الإيمان – الذاكرة – السياسة)


14-الواقعية الساذجة / Naïve Realism:

في علم النفس الاجتماعي، هي الميل البشري للاعتقاد بأننا نرى العالم من حولنا بموضوعية، وأن الأشخاص الذين يختلفون معنا يجب أن يكونوا غير مطلعين أو غير عقلانيين أو متحيزين.
مثال: شاهد الطلاب من مدرستين مختلفتين مقطع فيديو لمباراة كرة قدم ساخنة بين نفس المدرستين. على الرغم من أنهم شاهدوا نفس المباراة. إلا أن الطلاب من كلا المدرستين نظروا إلى اللعبة بشكل مختلف تماماً. رأى طلاب المدرسة الأولى أن فريق المدرسة الثانية يرتكب ضعف عدد المخالفات التي يرتكبها فريقهم، وكذلك فعل طلاب المدرسة الثانية. النتيجة أن مجموعتي الطلاب تنظران إلى حدث ما بشكل شخصي. واعتقدت كل مجموعة أنهم شاهدوا الحدث بموضوعية، وأن الطرف الآخر كان متحيزاً.
مجال التأثير في هذا التحيّز (المجتمع – الإيمان – الذاكرة – السياسة)


15-السخرية الساذجة / Naïve Cynicism:

نعتقد أننا نُلاحظ الواقع الموضوعي، وأن لدى الآخرين تحيزاً أنانياً بما يفعلونه والتشكيك في نواياهم وأفعالهم – محاولات دائمة في التشكيك في حالة المجتمع – حيث أن الأخرين يتصرفون بدافع شخصي، حتى ولو كانوا يدعون أن لهم دافعاً أسمى.
مثال: من شأن السخرية الساذجة أن تفسر فعل الفرد الذي يتبرع بالمال للفقراء، والجمعيات الخيرية، إنما هي وسيلة للرياء وطريقة لتعزيز الذات وليس لأغراض مساعدة الفقراء والكرم.
مجال التأثير في هذا التحيّز (المجتمع – الإيمان – الذاكرة – السياسة)


16-تأثير فورير / تأثير بارنوم / Forer Effect:

هي ظاهرة نفسية تشير إلى ميل الأفراد إلى رؤية كلام المنجمين على أنه دقيق، ويصف شخصياتهم التي يَفترض أنها صممت خصيصاً لهم. لكن في الواقع الكلام عادةً ما يكون غامضاً وعاماً، لدرجة أنه يمكن أن ينطبق على طائفة كبيرة من الناس.
مثال: قراءة برجك في إحدى الصحف، وإدراك أنه دقيق بشكل مدهش.
نعلم جميعاً أن الأبراج مكتوبة للجماهير، لكن لا يسعنا إلا أن نشعر بها، وكأنها مخصصة لنا.
فيقال لك أنت شخص اجتماعي، لكنك أيضاً تحب إعادة الشحن وتجديد شبابك بمفردك.
أنت تعمل بجد، وتستمتع، لكنك غالباً ما تتحمل أكثر مما يمكنك تحمله.
أنت تهتم بصحتك ولياقتك البدنية، ولكن يمكنك فعل المزيد.

مثال: اختبارات الشخصية على الفيسبوك. ربما يكون أحد أفضل الأمثلة على تأثير Barnum هو اختبارات الشخصية على منصة Facebook التي نراها بشكل شبه يومي.
سلمى مخلصة للأشخاص الموالين لها. سلمى تقدر الولاء .. الخ
استخدام الاسم الأول لتصميم المحتوى، ثم إضافة بعض السمات واسعة النطاق، يجعل العبارة العامة تبدو أكثر شخصية، فمعظم الناس يقدرون الولاء أو يرغبون بالاعتقاد بأنهم يفعلون ذلك، لذلك فإن هذه الكلمات لها صدى عند أغلبية الناس.
مجال التأثير في هذا التحيّز (الإيمان – الذاكرة)

 

17-تأثير دانينج كروجر / Dunning-Kruger Effect:

كلما قلت معرفتك، زادت ثقتك بنفسك. وكلما عرفت أكثر، قلت ثقتك بنفسك.
هو انحياز معرفي، يشير إلى ميل الأشخاص غير المؤهلين للمبالغة في تقدير مهاراتهم. بسبب عدم قدرتهم على التنافس والمعرفة والتفريق بين الشخص الكفء،وغير الكفء أو يعانون من وهم التفوق. مبالغين في قدراتهم المعرفية بشكل يجعلها تبدو أكبر مما هي عليه في الحقيقة.
مثال: طالب في مدرسة ثانوية، أخذ دورة في علم النفس. الدورة التدريبية لمستوى المبتدئين، ولكن بعد الانتهاء من الدورة، قد يشعر الطالب أن لديه فهماً جيداً وعميقاً لعلم النفس، وهو مرتاح للتحدث عن علم النفس في الفصل مع طلاب آخرين.
قارن هذا الطالب على شخص تخرج بدرجة ماجستير في علم النفس. ربما يشعر هذا الخريج أنه لا يزال لديه الكثير ليتعلمه لأنه ليس لديه درجة الدكتوراه، أو ليس لديه خبرة كبيرة في العمل في هذا المجال.
مجال التأثير في هذا التحيّز (الإيمان – الذاكرة – المجتمع – السياسة – التعليم – المال).


18-تأثير الإرساء / التثبيت / Anchoring:

نعتمد بشكل كبير على المعلومات الأولى التي يتم تقديمها عند اتخاذ القرارات.
تأثير الإرساء هو التحيز المعرفي الذي يصف النزعة البشرية الشائعة للاعتماد بشكل كبير، على الجزء الأول من المعلومات المقدمة (المرساة) عند اتخاذ القرارات.
يعتبر تأثير التثبيت تحيزاً لأنه يشوه حُكمنا على الأشياء، خاصة عندما تكون منطقة التفاوض غير واضحة.
مثال: وجد باحثو التفاوض أن العروض الرقمية الدقيقة، أكثر فعالية من غيرها من العروض. حيث من المرجح أن يجتذب المنزل الذي يبلغ سعره الحالي 255،500 دولار عروض أسعار أعلى من المنازل التي يبلغ سعرها 256،000 دولار أو 255،000 دولار.
يمكن مواجهة تأثير التثبيت ببساطة من خلال التعرف على الحركة. لا ترتكب الخطأ الشائع المتمثل في الرد بعرض مقابل العرض المقترح، بل يجب أولاً نزع فتيل مرساة الطرف الآخر.
مثال: إذا قدم شخص ما، عرض على سلعة بمبلغ 100 دولار، وتريد أنت تقديم عرض 50 دولار. قبل تقديم عرضك، عليك أن توضح أن 100 دولار أمر غير مقبول بكل بساطة. إذا لم تقم بإبطال مفعول المرساة أولاً، فأنت تقترح أن يكون اقتراح العرض الأول 100 دولار في منطقة التفاوض.
مجال التأثير في هذا التحيّز (الإيمان – الذاكرة – المال – التعليم)


19-انحياز الأتمتة / الانحياز للآلة / Automation Bias:

نعتمد على الأنظمة الآلية، ونثق كثيراً في التصحيح الآلي للقرارات الصحيحة بالفعل.
بمعنى آخر؛ هو ميل الإنسان لصالح الاقتراحات التي تقدمها أنظمة صنع القرار الآلية، وتجاهل المعلومات الغير آلية المناقضة لهذا المقترح حتى لو كانت صحيحة.
مثال: وحدات العناية المركزة ومحطات الطاقة النووية وقمرة القيادة في الطائرات، تحتوي على أجهزة مراقبة حاسوبية وأجهزة ألكترونية مساعِدة على اتخاذ القرار. عادة ما تحدث أخطاء الانحياز الآلي عندما يكون اتخاذ القرار في درجة كبيرة منه معتمداً على الحواسيب أو الوسائل الآلية، ويقتصر العنصر البشري إلى حد بعيد على مراقبة المهام الجارية. تشمل الأمثلة في مثل هذه الحالات على مسائل بسيطة تواجهنا بشكل يومي، كاستخدام برامج التدقيق الإملائي.
مجال التأثير في هذا التحيّز (الإيمان – الذاكرة – التعليم)


20-تأثير Google / فقدان الذاكرة الرقمي / Google effect:

نميل إلى نسيان المعلومات التي يتم البحث عنها بسهولة في محركات البحث.
وهي ظاهرة نفسية لها علاقة بميلنا إلى نسيان المعلومات المتوفرة عبر الإنترنت أو المخزنة رقمياً. أو التي يمكن العثور عليها بسهولة عبر الإنترنت. كما تدعي الدراسة أيضاً أن قدرة الناس على تعلم المعلومات دون اتصال بالإنترنت تظل كما هي.
نظراً لأن الأشخاص يخزنون المزيد والمزيد من معلوماتهم في المنصات الرقمية، فإن هذه الظواهر تلعب دوراً كبيراً بشكل متزايد في مستوى الإدراك البشري.
مثال: وجد العلماء أن عدداً أقل من الأشخاص يحفظون أرقام هواتف الأصدقاء أو العائلة الآن، لأنه يمكن الوصول إليها بسهولة على الهواتف المحمولة.
مجال التأثير في هذا التحيّز (الإيمان – الذاكرة – التعليم)

 

يمكنكم هنا متابعة تتمة المقال عن هذه الانحيازات المعرفية نتمنى لكم دوام المتعة والفائدة.

الانحيازات المعرفية | عندما يخدعنا عقلنا ونتخذ قرارات خاطئة! تعرّف مفصلاً عليها مع الأمثلة ج1

الانحيازات المعرفية | عندما يخدعنا عقلنا ونتخذ قرارات خاطئة! تعرّف مفصلاً عليها مع الأمثلة ج3

عالم نوح

المصدر: 1 , 2 , 3

إقرأ أيضاً:

أسرار من أجل حفظ المعلومات بسهولة وسرعة وفعالية

ما هو الطفل الداخلي؟ وما الذي نستطيع فعله لعلاج وشفاء الطفل الداخلي فينا؟

اترك رد